أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
سُئلَ عن صومِه ؟ قال : فغضِب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . فقال
عمرُ رضي اللهُ عنه : رضِينا بالله ربًّا ، وبالإسلامِ دِينًا ، وبمحمدٍ
رسولًا ، وبِبَيْعَتِنا بَيعةً . قال : فسُئلَ عن صيامِ الدَّهرِ ؟ فقال : "
لا صام ولا أفطر ( أو ما صام وما أفطر ) " قال : فسُئلَ عن صومِ يومَين
وإفطارِ يومٍ ؟ قال " ومن يُطيقُ ذلك ؟ " قال : وسئلَ عن صوم يومٍ وإفطارِ
يومَين
؟ قال : " ليت أنَّ اللهَ قوَّانا لذلك " قال : وسُئلَ عن صومِ يومٍ
وإفطارِ يومٍ ؟ قال " ذاك صومُ أخي داودَ ( عليه السلامُ ) " قال : وسُئلَ
عن صومِ الاثنَينِ ؟ قال " ذاك يومٌ وُلدتُ فيه . ويومُ بُعثتُ ( أو أُنزلَ
عليَّ فيه ) " قال : فقال " صومُ ثلاثةٍ من كلِّ شهرٍ ، ورمضانُ إلى
رمضانَ ، صومُ الدَّهرِ " قال : وسُئلَ عن صومِ يومِ عرفةَ ؟ فقال "
يُكفِّرُ السنةَ الماضيةَ والباقيةَ " قال : وسُئلَ عن صومِ يومِ عاشوراءَ ؟
فقال " يُكفِّرُ السنةَ الماضيةَ " . وفي هذا الحديثِ من روايةِ شُعبةَ
قال : وسُئلَ عن صومِ يومِ الاثنينِ والخميسِ ؟ فسكتْنا عن ذكر الخميسِ لما
نراه وهمًا . وفي روايةٍ : بمثلِ حديثِ شعبةَ . غير أنه ذكر فيه الاثنينِ .
ولم يذكر الخميسَ .
الراوي: أبو قتادة الأنصاري المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1162
خلاصة حكم المحدث: صحيح
هذه ورقة تتضمن أربع مسائل تتعلق بصيام يوم عاشوراء
[أولها] مسألة فضل صوم يوم عاشوراء
[وثانيها] هل يكفر صوم يوم عاشوراء الكبائر ؟!!
[وثالثها]مسألة استحباب صوم يوم التاسع مع صوم عاشوراء
[ورابعها] مسألة هل يكره إفراد صوم عاشوراء ، أي صومه دون يوم قبله ويوم بعده
[1] فأما يوم عاشوراء فإنه [ من أيام الله ] [
يوم عظيم. أنجى الله فيه موسى وقومه. وغرق فرعون وقومه.] أما صيام يوم
عاشوراء فإنه يكفر السنة الماضية لقول الرسول الله صلى الله عليه وسلم [ صوم
يوم عرفة يكفر سنتين ماضية و مستقبلة و صوم عاشوراء يكفر سنة ماضية ] رواه
مسلم وغيره
## لكن صومه مستحب غير واجب فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ إن
عاشوراء يوم من أيام الله فمن شاء صامه و من شاء تركه ] رواه مسلم وغيره من
حديث ابن عمر رضي الله عنهما
## أما كون يوم عاشوراء [ من أيام الله ] [ يوم عظيم. أنجى الله فيه موسى
وقومه. وغرق فرعون وقومه.] فلما ثبت في صحيح الإمام مسلم وغيره :
[[ عن ابن عباس رضي الله عنهما ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم
المدينة. فوجد اليهود صياما، يوم عاشوراء. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه
وسلم : "ما هذا اليوم الذي تصومونه ؟ " فقالوا: هذا يوم عظيم. أنجى الله فيه
موسى وقومه. وغرق فرعون وقومه. فصامه موسى شكرا. فنحن نصومه. فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: "فنحن أحق وأولى بموسى منكم" فصامه رسول الله صلى الله
عليه وسلم. وأمر بصيامه ]]
## ولعظم هذا اليوم فقد بوب البخاري في صحيحه : باب: [ وجاوزنا ببني إسرائيل
البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا ، حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه
لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين ] وبوب البخاري رحمه
الله أيضا في صحيحه باب: قوله: [ ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب
لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى. فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم
من اليم ما غشيهم ، وأضل فرعون قومه وما هدى ] وقال تعالى [ وَإِذْ فَرَقْنَا
بِكُمْ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ
تَنظُرُونَ]
[2] وأما السؤال هل يكفر صوم يوم عاشوراء الكبائر ؟!!
فجوابه أن الصلاة وصيام رمضان أعظم من صيام عاشوراء ومع هذا قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : [ الصلوات الخمس و الجمعة إلى الجمعة و رمضان إلى رمضان
مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر ] رواه مسلم والترمذي
## قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : [ وتكفير الطهارة والصلاة وصيام
رمضان وعرفة وعاشوراء للصغائر فقط وكذا الحج لأن الصلاة ورمضان أعظم منه ]
الكبرى م4ص 428 والاختيارات ص 65
## قال النووي رحمه الله [ يُكَفِّرُ ( صيام يوم عرفة ) كُلَّ الذُّنُوبِ
الصَّغَائِرِ , وَتَقْدِيرُهُ يَغْفِرُ ذُنُوبَهُ كُلَّهَا إلا الْكَبَائِرَ
. ] أما الكبائر فتحتاج إلى توبة خاصة.
فأوصي إخواني بالتوبة والندم قبل أن تبلغ الروحُ الحلقومَ ف [الندم توبة و
التائب من الذنب كمن لا ذنب له ]
[[]] وثمة ما يبلغ المرء شفاعة سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام فإنه قال
[ شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي] وقال [ ليخرجن قوم من أمتي من النار بشفاعتي
يسمون الجهنميين ] بل إن [ المقام المحمود الشفاعة] [ يخرج قوم من النار
بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم فيدخلون الجنة و يسمون الجهنميين ] رواه
البخاري
وقد علم رسول الله صلى لله عليه وسلم أمته بعض أبواب الخير التي تبلغهم
شفاعته عليه السلام
فمن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم :[ أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال:
لا إله إلا الله خالصا مخلصا من قلبه ]رواه البخاري وقوله [ من صلى على حين
يصبح عشرا و حين يمسي عشرا أدركته شفاعتي يوم القيامة ] وقوله [ من قال حين
يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة و الصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة
و الفضيلة و ابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة ] رواه
البخاري وأصحاب السنن
[3] وأما استحباب صوم يوم التاسع مع صوم عاشوراء
فدليلها قول الرسول الله صلى الله عليه وسلم : [ لئن بقيت إلى قابل لأصومن
التاسع ]رواه مسلم م2ص798 برقم1134 ك الصيام ورواه غيره
قال الحافظ ابن القيم في تهذيب سنن أبي داوود : [ يصام يوم قبله أو يوم بعده
] م3ص324 قال ابن حجر :" ولأحمد من وجه آخر عن ابن عباس مرفوعا : [صوموا يوم
عاشوراء وخالفوا اليهود، صوموا يوما قبله أو يوما بعده ] ، وهذا كان في آخر
الأمر ... وهذا الحديث أورده الحافظ مرفوعا وسكت عنه في الفتح وفي تلخيص
الحبير وأورده ابن القيم مرفوعا أيضا وسكت عنه في الزاد رحمهما الله ؛ لكن
قال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار : " رواية أحمد هذه ضعيفة منكرة من
طريق داوود بن علي عن أبيه عن جده ، رواها عنه ابن أبي ليلى . " ورجح الإمام
الألباني رحمه الله أيضا ضعف هذه الرواية وأورها في ضعيف الجامع الصغير .
[4] وأما إفْرَادُ يوم عاشوراء بالصوم دون صوم التاسع
والحادي عشر فلا حرج فيه
## قال شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله : [ صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ
كَفَّارَةُ سَنَةٍ وَلا يُكْرَهُ إفْرَادُهُ بِالصَّوْمِ ... ] الاختيارات
ص10
## وقالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الإمام عبدالعزيز بن
باز رحمه الله : [ يجوز صيام يوم عاشوراء يوماً واحداً فقط ، لكن الأفضل صيام
يوم قبله أو يوم بعده ، وهي السُنَّة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم
بقوله : " لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع " قال ابن عباس رضي الله عنهما: (
يعني مع العاشر)وبالله التوفيق . المصدر : فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث
العلمية والإفتاء م10ص401
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
حرر في جدة عام 1425
وكتب الفقير إلى الله : حاتم بن عبد الرحمن الفرائضي
خطيب جامع ابن عباس رضي الله عنهما بجدة